النمور الآسيوية تواصل قفزاتها التنافسية في سوق السيارات
نموذج لسيارة كورية جديدة
يشكل إجتياح شركات السيارات الآسيوية لأسواق السيارات العالمية تحدياً جديدأً من نوعه لصناعة السيارات الأوروبية بصورة عامة والألمانية بصورة خاصة، يجبرها على إعادة النظر في أولوياتها وإستراتيجيات إنتاجها.
في إطار المعارك حامية الوطيس بين شركات السيارات الألمانية ونظيرتها الآسيوية، والتي من المتوقع أن تزداد سخونة في أثناء معرض فرانكفورت الدولي للسيارات الذي يفتح أبوابه يوم الخميس القادم للزوار، نشرت صحيفة "الفايناشال تايمز" مقالا عن السيارات الصينية الرخيصة التي أصبحت تمثل خطراً كبيراً على كبريات شركات السيارات العالمية. فالبرغم من أن السيارات الألمانية تمتاز بالجودة والمتانة العالية، إلا أن الارتفاع المتزايد في أسعار الوقود أدى إلى زيادة الإقبال على السيارات الآسيوية المعروفة بتوفيرها للوقود. وقد أعلن المسئولون عن معرض فرانكفورت الدولي أن ثلاثة شركات صينية متخصصة في تصنيع السيارات قد قررت المشاركة في المعرض.وإحدى هذه السيارات الصينية والتي تلاقي نجاحا في الأسواق الصينية و العالمية، تبعا لصحيفة "الفايننشال تايمز"، هي سيارة شيري الميني.
السيارات الصينية تشكل تحدياً كبيراً
السيارات الصينية الصغيرة تحولت إلى خطر على صناعة السيارات الأوربية عامة والألمانية خاصة، حيث وصلت مبيعات السيارات الصغيرة الآسيوية إلى 10% من إجمالي حجم مبيعات السيارات هذا العام، وهو ما يمثل نقلة نوعية في سوق السيارات العالمي، لأن سعرها لا يزيد عن الـ10000 يورو. أما الشركات الأوربية مثل شركة فولكسفاجن الألمانية العملاقة بموديلاتها "باسات"، وشركة أودي فتعانيان من حالة ركود، فلأول مرة هذا العام رصدت فولكسفاجن خسائر في الأسواق الصينية تقدر بـ23 مليون يورو. ومن الواضح أن السيارات الصينية وكذلك الكورية واليابانية قد اكتسحت عن جدارة الأسواق في المنطقة، فكل خامس سيارة في الصين لا يتعدى سعرها الـ 5000 يورو. وفي هذا السياق يتوقع خبراء الاقتصاد أن مبيعات السيارات الفاخرة سوف يتواصل في الانخفاض في مقابل ازدياد الإقبال على السيارات الصغيرة الرخيصة الثمن في ظل الارتفاع المتزايد في أسعار الوقود.
ورقة إستقطاب للطبقة المتوسطة
يرى الخبراء تحولا في نوعية المستهلك في المجتمع الصيني، فعلى مدار السنوات الماضية كانت شركات السيارات تسلط اهتمامها على رجال الأعمال وذوي المناصب الحكومية الذين يملكون قدرة شرائية والذين يرون في اقتناء السيارات الفاخرة "الليموزين" رمزا اجتماعيا، أما الآن فقد نشأت قاعدة عريضة من ذوي الدخل المتوسط في الصين وعدد كبير من الدول الآسيوية وبالتالى تغير السلوك الاستهلاكي، حيث يتوفر لدى الطبقة المتوسطة الجديدة القدرة على شراء سيارات صغيرة لا يتعدى سعرها بضعة آلاف يورو. ومن هنا نشأ فرص تسويقية في السوق، إلا أن شركات السيارات الآسيوية سرعان ما استفادت منها من خلال إنتاجها لسيارات باخسة الثمن.
إعادة النظر في إستراتيجيات الإنتاج
معرض السيارات الدولي في شانغهاي
ومن الواضح أن شركات السيارات الألمانية مثل مرسيديس وبي.أم.دبليو لن تتعافى سريعا من جراء اكتساح السيارات الآسيوية للأسواق، فمصنع بي.إم.ديبليو الذي أفتتح عام 2003 في مدينة شينيانج الصينية بكفاءة إنتاجية تصل إلى 30 ألف سيارة في العام يعمل بأقل طاقته الإنتاجية في الوقت الحالي. كما لم تتكمن من بيع أكثر من 7300 سيارة مصنعة محليا من المجموعة 3 و 5. أما شركة مرسيديس فقد أجلت مشروع افتتاح خطها الإنتاجي لـC-Class في الصين حتى عام 2007. وفي هذا السياق يشير الخبير الاقتصادي العامل في مركز البحث العلمي أولريش يورغنز إلى "وقوع أخطاء في إستراتيجية الإنتاج واختيار الموديلات تتحمل مسؤوليتها إدارة شركات السيارات مثل عدم الاهتمام بتطوير سيارات موفرة لاستهلاك الطاقة استجابة لمتطلبات العصر في ظل الارتفاع المتزايد لأسعار البنزين". وللتأكيد على فرضيته يشير يورغنز إلى تجربة شركة "تويوتا" العملاقة التي نجحت في تطوير محركات "الهيبريد" المزدوجة التي تتكون من محركين احداهما موتور احتراق تقليدي يعمل بالبنزين، والآخر كهربائي، وهو ما يعطيها القدرة على توفير في الطاقة يصل إلى 30 % مقارنة بالمحركات المعتادة.